في فصولنا الدراسية، حيث تتقاطع العيون الصغيرة المليئة بالفضول مع السبورات المثقلة بالمقررات، تختبئ حكايات كثيرة. هناك تلميذ يلتقط الفكرة قبل أن ينطق بها المعلم، وآخر يغرق في الحروف كمن يحاول عبور نهرٍ دون جسر. بين هذين النقيضين تمتد فسحة التعليم، فسحة لا تكون عادلة إلا حين نُدرك أن الأطفال لا يتعلمون بالطريقة نفسها، ولا في الإيقاع نفسه.
من هذه الفكرة البسيطة انطلقت
مقاربة TARL (Teaching at the Right Level) أو ما يمكن أن نسميه
التعليم حسب المستوى المناسب، وهي مقاربة تربوية إنسانية قبل أن تكون تقنية، تعيد ترتيب العلاقة بين المتعلم والمعلم والمحتوى، لتقول بلغة صافية:
"دعوا كل طفل يتعلم في ظله المناسب"، أو كما تسميها التجربة التربوية الحديثة:
تفيؤ التلاميذ.
التفيؤ، في أصله اللغوي، يعني الانتقال بين الظلال بحثًا عن الموضع الأكثر راحة واعتدالًا. وفي المعنى التربوي، هو انتقال المتعلم إلى الفئة التي تناسب مستواه الحقيقي، حيث يجد التعلم الذي يشبهه ويستجيب لقدراته. إنها فكرة تبدو بديهية، لكنها في الواقع ثورة هادئة على نظام التعليم التقليدي الذي يجعل الصف الدراسي مساحة واحدة لكل العقول، مهما اختلفت استعداداتها.
من أين جاءت فكرة TARL؟
في بدايات الألفية، كانت المدارس في الهند تواجه أزمة صامتة: آلاف الأطفال يجلسون في الصفوف، يكتبون في دفاترهم، لكنهم لا يفهمون ما يقرؤون. كانت الأرقام صادمة؛ إذ أظهرت دراسات أن أكثر من نصف التلاميذ في الصف الخامس لا يستطيعون قراءة نص بسيط من الصف الثاني. من هنا بدأت منظمة Pratham، وهي منظمة هندية غير حكومية، تبحث عن الحل.
لم يكن الحل في مزيد من الدروس أو في تغيير الكتب، بل في إعادة النظر في نقطة الانطلاق نفسها: كيف نُعلّم من لم يتقن بعد أساسيات التعلم؟
عندما بدأت التجربة، كان الكثيرون متشككين. كيف يمكن أن نجمع تلاميذ من أعمار مختلفة في مجموعة واحدة؟ ألا يخلق ذلك فوضى؟
لكن المفاجأة أن الفوضى لم تقع، بل حلّ مكانها النظام الطبيعي للتعلم. فالتلاميذ الذين وُضعوا في مجموعات حسب مستواهم بدأوا يتعلمون بارتياح، وارتفعت نسب الفهم والإتقان بشكل لافت خلال أسابيع قليلة.
التفيؤ: من الفكرة إلى الممارسة
تفيؤ التلاميذ ليس مجرد تقسيم إداري داخل القسم، بل هو تحول عميق في فلسفة التعليم.
ففي المقاربة التقليدية، يجلس ثلاثون أو أربعون تلميذًا أمام معلم واحد، يشرح الدرس نفسه للجميع، بالوتيرة نفسها، واللغة نفسها، والتمارين نفسها.
لكن خلف هذا المشهد، توجد فوارق خفية: هناك من يلتقط المعنى بسرعة، وهناك من يتأخر، وهناك من يفقد الخيط منذ السطر الأول.
ومع مرور الأيام، تتسع الهوة بين المتعلمين حتى يصبح التعلم عملية شكلية.
مقاربة TARL تقترح أن نكسر هذا الجمود.
في بداية كل دورة أو فصل دراسي، يقوم المعلم بإجراء تشخيص بسيط وسريع لمستوى كل تلميذ في المهارات الأساسية. لا حاجة لاختبارات طويلة، يكفي أن يطلب من التلميذ قراءة جملة، أو كتابة كلمة، أو حل مسألة بسيطة.
ثم يُفيّئ التلاميذ إلى مجموعات حسب المستوى، لا حسب العمر.
تخيل مثلًا أن لديك قسمًا للصف الرابع يضم أربعين تلميذًا، فتكتشف أن عشرة منهم يقرؤون بطلاقة، وخمسة عشر يقرؤون ببطء، وعشرة لا يزالون يتعرفون على الحروف، والباقون في مرحلة الفهم البسيط.
في هذه الحالة، تُنشأ أربع مجموعات: "المبتدئون"، "القراءة الأولية"، "القراءة المتوسطة"، و"الفهم".
كل مجموعة تتلقى أنشطة تناسبها، من الألعاب الحروفية والقراءة المشتركة إلى النقاشات النصية القصيرة.
كيف يبدو القسم في ظل التفيؤ؟
القسم الذي يطبّق مقاربة TARL يختلف عن القسم التقليدي في كل شيء تقريبًا.
الضجيج فيه ليس ضجيج فوضى، بل ضجيج حياة. التلاميذ يتحركون، يتبادلون الأوراق، يضحكون، يسألون، يعيدون المحاولة.
المعلم لا يقف في مقدمة الفصل فحسب، بل يتنقل بين المجموعات كمن يسقي نبتات مختلفة في حديقة واحدة.
يستخدم بطاقات تعليمية، قصصًا مصوّرة، أحرفًا مقطعة، وألعابًا تربوية بسيطة، لكنه قبل كل شيء يستخدم عينه التربوية ليرى أين يقف كل طفل في رحلة التعلم.
في هذا الفضاء، لا يشعر التلميذ بالخوف من الخطأ، لأن المجموعة صغيرة ومتقاربة المستوى. كما لا يشعر المتفوق بالملل، لأنه يجد دائمًا تحديًا يناسبه. بهذا، يتحول القسم من مكان للتلقين إلى ورشة تعلم حقيقية.
بين الإنصاف والفعالية: جوهر التفيؤ
من أجمل ما في مقاربة TARL أنها تجمع بين بعدين كثيرًا ما يفترقان: الإنصاف والفعالية.
فالإنصاف يعني أن كل متعلم يُعامل وفق حاجته الحقيقية، لا وفق معايير جماعية ظالمة.
أما الفعالية فتعني أن النظام التعليمي ككل يصبح أكثر إنتاجية وكفاءة.
في الأنظمة التقليدية، يدفع المتعلمون الضعفاء الثمن الأكبر، إذ يُنظر إليهم كـ"مشكل" يجب تجاوزه، بينما هم في الحقيقة مرآة النظام نفسه. لكن حين نُفيّئهم في مجموعات حسب قدراتهم، نُعيد لهم الثقة في ذواتهم.
نقول لهم بلغة ضمنية: "لسنا نحاسبكم على تأخركم، بل نرافقكم لتتعلموا بخطواتكم الخاصة."
وقد أثبتت التجربة في بلدان عدة، منها الهند وزامبيا وكينيا، أن تطبيق TARL أدى إلى تحسن مهارات القراءة والرياضيات بنسبة تجاوزت 50% خلال أقل من عام دراسي واحد.
حين يتحوّل القسم إلى مجتمع تعلّم صغير
في المدرسة التقليدية، يُنظر إلى القسم على أنه بنية صلبة: جدران، سبورة، معلم في المقدمة وتلاميذ مصطفّون في صفوف مستقيمة. كل شيء منظم ومتحكم فيه إلى أقصى درجة، لكن خلف هذا الانضباط الظاهري يخفي الواقع فوضى صامتة، فوضى التفاوت بين المتعلمين.
مقاربة TARL تكسر هذا الجمود وتحوّل القسم إلى فضاء مرن، ديناميكي، يعيش فيه التلميذ تجربة التعلم لا كمُتلقٍّ، بل كفاعل ومشارك.
حين يبدأ المعلم بتفييء التلاميذ، يدرك فجأة أنه لا يدرّس “صفًا دراسيًا” واحدًا، بل مجتمعات تعلم صغيرة. كل مجموعة لها لغتها الخاصة، نبضها الخاص، واحتياجاتها الخاصة. في هذه المجتمعات، لا يتفوق من يحفظ أكثر، بل من يتعاون أكثر، ويشارك، ويجرّب، ويخطئ، ثم يحاول من جديد.
إنها بيئة تعليمية تزرع في التلميذ الثقة والفضول والقدرة على التعلم الذاتي، وهي القيم التي يحتاجها التعليم في القرن الحادي والعشرين أكثر من أي وقت مضى.
دور المعلم في زمن التفيؤ
لم يعد المعلم في مقاربة TARL المالك الوحيد للمعرفة، بل أصبح مهندس التعلم، منسقًا للجهود، وملاحظًا دقيقًا لحركة التلاميذ الفكرية.
إنه لا يشرح فقط، بل يصغي، يلاحظ، يتدخل عند الحاجة، ويترك للتلاميذ مساحة الاستكشاف.
في هذا الإطار الجديد، يتحول دور المعلم من "المتحدث" إلى "المنصت"، ومن "السلطة" إلى "الداعم".
يتعلم كيف يقرأ إشارات الصمت، كيف يفهم ارتباك الطفل، وكيف يحتفي بالخطأ باعتباره خطوة نحو الفهم.
قد تبدو هذه التحولات بسيطة، لكنها في الواقع جوهرية، لأنها تُعيد الإنسانية إلى العلاقة التربوية التي أرهقتها التقييمات والمذكرات والأرقام.
يُصبح القسم في مقاربة TARL مشهدًا نابضًا بالحياة: المعلم يجلس على الأرض مع مجموعة من الأطفال يقرؤون معًا، ثم ينتقل إلى أخرى يلعب معهم لعبة حسابية، ثم إلى ثالثة يراقب كيف يحاولون كتابة كلمات جديدة. كل هذا يتم بخفة، بمرونة، دون توتر، لأن الهدف لم يعد “إنهاء المقرر”، بل فتح أبواب الفهم الحقيقي أمام الجميع.
تحديات تطبيق مقاربة TARL في السياق العربي
حين نحاول نقل هذه التجربة إلى مدارسنا العربية، نواجه تحديات معقدة لا يمكن تجاهلها.فكثافة الأقسام، وضغط المناهج، ونقص التكوين المستمر للمعلمين، كلها عوامل تجعل تطبيق التفيؤ مهمة شاقة. لكنها ليست مستحيلة.
في المغرب مثلًا، جُرّبت مقاربة شبيهة في بعض المدارس القروية في إطار برامج دعم التعلم الأساس، وقد أظهرت نتائج مشجعة، رغم محدودية الإمكانات. المعلمون الذين خاضوا التجربة قالوا إنهم اكتشفوا “مدى جمال مهنة التعليم حين تتحول من تلقين إلى مرافقة”، وإن التلاميذ الذين كانوا “صامتين” بدأوا يتحدثون ويشاركون بثقة.
في تونس ومصر أيضًا، بدأت مبادرات تجريبية تعتمد على تقسيم التلاميذ حسب مستوى القراءة أو الحساب، مع إشراك الأسر في المتابعة.والنتائج الأولى أكدت أن مجرد تغيير بسيط في فلسفة التدريس يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في نتائج التعلم وفي سعادة المتعلمين أنفسهم.
المدرسة المنصفة: حلم يقترب من الواقع
فالإنصاف في التعليم لا يعني أن نعامل الجميع بالطريقة نفسها، بل أن نوفر لكل متعلم ما يحتاجه تحديدًا لينجح.
وهذا هو المعنى الأعمق للعدالة التربوية: أن نمنح كل طفل فرصة أن يتعلم في الظل الذي يناسبه.
المدرسة المنصفة ليست تلك التي تُوزّع النقاط بالتساوي، بل التي تمنح كل تلميذ الضوء الذي يحتاجه لينمو.
وما التفيؤ إلا وسيلة عملية لتحقيق هذا الهدف.
من خلال إعادة تنظيم القسم إلى مجموعات تعلم متقاربة المستوى، ومنح كل مجموعة أنشطة مصممة بعناية، يمكننا أن نعيد الحياة إلى الفصول التي خمدت فيها شرارة الفضول.
فالتعلم ليس سباقًا نحو النهاية، بل رحلة مشتركة حيث يسير الجميع بوتيرة مختلفة لكن نحو الاتجاه نفسه.
التفيؤ كفلسفة تربوية إنسانية
تجاوزت مقاربة TARL حدود كونها طريقة تعليمية إلى أن أصبحت رؤية فلسفية جديدة للتربية.
إنها تذكّرنا بأن الطفل ليس رقمًا في سجل، ولا “حالة” في اختبار، بل كائن فريد يحمل عالمه الداخلي، وتاريخه الصغير، وإيقاعه الخاص في التعلم.
عندما نفيّئ التلاميذ، فإننا في الحقيقة نُعلن احترامنا لاختلافهم.
نقول لهم: "اختلافكم ليس ضعفًا، بل طريقتكم الخاصة في الفهم."
هذا الموقف التربوي الإنساني هو ما يجعل مقاربة TARL مختلفة عن المقاربات السابقة التي ركزت على المقررات أكثر من الإنسان.
في القسم المؤنسن الذي يعتمد التفيؤ، يصبح لكل طفل صوت.
لا أحد يُهمّش أو يُتجاهل، لأن النظام كله قائم على فكرة الشمول والمواكبة والتقدير.
وحين يشعر المتعلم أنه مرئي، أنه مفهوم، فإنه يتفتح كزهرة كانت تنتظر الضوء المناسب فقط.
نحو تربية تراعي الفروق وتحتفي بالتنوع
من بين أهم ما تقدمه مقاربة TARL للتربية المعاصرة أنها تُعيد الاعتبار لفكرة الفروق الفردية التي طالما أُهملت في الممارسة اليومية.
فكثير من الأنظمة التعليمية تعترف بهذه الفروق في الوثائق الرسمية، لكنها تنساها في الفصول الواقعية.
أما في التفيؤ، فهي تتحول من مبدأ نظري إلى آلية عملية، إذ تُترجم إلى مجموعات صغيرة متقاربة المستوى، وإلى أنشطة مصممة على قياس قدرات المتعلمين.
وهذا ما يجعل TARL قريبة من الفلسفة الإنسانية في التعليم، التي ترى أن التربية ليست صبًّا للمعرفة في العقول، بل رعاية للنمو المختلف لكل عقل.
وبهذا المعنى، تصبح المدرسة مساحة احتضان، لا اختبارًا جماعيًا للقوة الذهنية.
التعليم بعد التفيؤ: ماذا يتغير؟
تتحول النظرة إلى التعلم من كونه عملية ميكانيكية إلى كونه رحلة إنسانية.
تصبح الحصص لحظات بحث وتجريب، وتتحول الأخطاء إلى فرص، ويصبح الفشل مجرد خطوة في طريق طويل نحو الفهم.
كما يتغير أيضًا تقييم التلاميذ.
فلم يعد الهدف أن يحصل الجميع على نفس النقطة في نفس الاختبار، بل أن يتقدم كل متعلم بالنسبة لنفسه.
بهذا، ننتقل من ثقافة المقارنة إلى ثقافة التطور، ومن "من الأفضل؟" إلى "كيف نتطور جميعًا؟".
التفيؤ كجسر نحو تجديد الممارسات التربوية
إن مقاربة TARL تفتح الباب أمام تجديد عميق في الممارسات الصفية.
فهي تدعو إلى استعمال أدوات تعليمية بسيطة لكنها فعالة: البطاقات، القصص القصيرة، الألعاب اللغوية، المحادثات، الأنشطة الجماعية... كلها وسائل تدمج اللعب بالتعلم، وتعيد البهجة إلى الفصل الدراسي.
وفي الوقت نفسه، تشجع على التعلم القائم على الملاحظة والتغذية الراجعة المستمرة، حيث يلاحظ المعلم تقدم المتعلمين أسبوعًا بعد أسبوع، فينقلهم من مجموعة إلى أخرى كلما تحسن مستواهم.
بهذا، يصبح التفيؤ نظامًا حيًّا يتحرك باستمرار مع حركة التعلم نفسها.
التجارب الدولية ودروسها
التجارب في الهند وزامبيا وكينيا وغيرها من الدول النامية أثبتت أن النجاح لا يحتاج دائمًا إلى موارد ضخمة، بل إلى رؤية واضحة وشغف بالتحسين.
فقد اعتمدت المدارس هناك على مواد محلية بسيطة، ودرّبت المعلمين لبضعة أيام فقط، ثم انطلقت التجربة.
بعد أشهر قليلة، لاحظ الباحثون تحسنًا هائلًا في مستوى القراءة والحساب، وارتفاعًا في نسبة المشاركة داخل الصفوف.
الدرس الأهم من هذه التجارب هو أن التحول التربوي لا يبدأ بالمناهج، بل بالإنسان: بالمعلم الذي يؤمن بالتغيير، وبالتلميذ الذي يُمنح الفرصة ليُعبّر عن قدرته.
من التفيؤ إلى فلسفة التعليم المنصف
تفيؤ التلاميذ وفق مقاربة TARL ليس مجرد إجراء بيداغوجي، بل تحول في الوعي التربوي. إنه إعلان بأن التعليم ليس تكرارًا للنماذج الجاهزة، بل تفصيلٌ إنساني على مقاس المتعلمين. إنه الطريق نحو مدرسة تزرع الأمل بدل الإقصاء، وتحتضن الاختلاف بدل أن تخاف منه.
حين تُطبّق هذه الفلسفة، تُصبح المدرسة بيتًا لكل الأطفال، لا امتحانًا لمن يستحق البقاء.
وحين يرى التلميذ أن معلمه يراه، ويفهمه، ويسير معه في خطاه الخاصة، فإن التعليم يتحول إلى تجربة وجدانية، إلى لقاء إنساني قبل أن يكون لقاء معرفيًا.
خاتمة
في نهاية المطاف، تذكّرنا مقاربة TARL بأن التعليم ليس سباقًا نحو النهاية، بل رحلة نحو الفهم. تفيؤ التلاميذ ليس مجرد تنظيم بيداغوجي، بل هو احتفاء بالإنسان في المتعلم. فكل طفل يحمل في داخله بذرة النور، ولا يحتاج إلا لمن يهيئ له الظل المناسب لينمو في هدوء وثقة.
إن المدرسة التي تتبنى التفيؤ ليست فقط أكثر عدلاً، بل أكثر جمالًا وإنسانية. وحين نصل إلى تلك المرحلة التي نجد فيها كل طفل يتعلم بطريقته الخاصة، دون خوف ولا مقارنة، سنكون قد وضعنا أقدامنا فعلًا على طريق تعليم منصف وفعّال للجميع.